شدني موضوع في موقع لها أون لاين لكن احترت اين اضعه لكن رأيت الأنسب أن أضعه في العام لأنه يحتاج إلى مناقشه لا أريد أن أطيل عليكم
للكاتب سلام الدين الشرابي
ليس لكرة القدم مكان في موقع نسائي يتسم بالرقة والشفافية، ولم أرد أن أقحم هذه الكرة هنا لولا أن أبو تريكة "لاعب منتخب مصر الشهير" رمى في ملعبنا العربي الفقير بالكرات البطولية على صعيد السياسة والمواقف الشجاعة، كرة هزت شباك العالم.
محمد أبو تريكة فاجئ متابعي بطولة كأس الأمم الإفريقية برفع قميصه الرياضي عقب إحرازه الهدف الثاني في المبارة ليكشف عن فانلة – والفانلة بلهجة أخواننا المصريون تعني القميص الداخلي- مكتوب عليها باللغتين العربية والانكليزية "تعاطفاً مع غزة" SYMPATHIZE WITH GHAZA".
جملته هذه أدت إلى توجيه إنذار له في المباراة ورفع البطاقة الصفراء في وجهه، فضلًَا عن التهديد الذي وجهه الاتحاد الأفريقي" الكاف" بمعاقبته بالإيقاف في حال تكرر ذلك مرة ثانية.
أبو تريكة وردود الأفعال
فانلة أبو تريكه شحنت العرب للوقوف في جبهة واحدة قلما يقفون فيها، حيث ذكر موقع الشركة الراعية لبطولات الاتحاد الأفريقي Mtn Football في تقرير له" أن الاتحاد الأفريقي"الكاف" تلقى رسائل لا حصر لها من مصريين وعرب من جنسيات عديدة يعلنون فيها تضامنهم وتأييدهم التام لموقف اللاعب المصري، فيما قام العديد من الجماهير عبر المنتديات الكروية بإرسال الآلاف من الرسائل الالكترونية "للكاف" يعلنون فيها تأييدهم لموقف تريكة، منددين بأي موقف يتم اتخاذه من قبل الكاف تجاه اللاعب, بعدما سرت أنباء حينها أن هناك اتجاه لمعاقبة محمد أبو تريكه.
وأشاد العرب الموجودين في غانا لمتابعة البطولة بموقف أبو تريكة وقالوا:" إنه عبر عما يجول في خاطرنا بشكل محترم ومن دون الإساءة لأحد ولا يمكن أن نقبل معاقبته.
فيما اتصل رئيس الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم برئيس الاتحاد المصري لكرة القدم سمير زاهر وشكره على ما قام به نجم المنتخب محمد ابو تريكة "من إظهار شعار التعاطف مع غزة" خلال مباراة مصر والسودان.
في الصحافة كان لأبو تريكة وقع كبير حيث ذكرت الجريدة الرياضية " إنها لم تخطئ عندما اختارت أبو تريكه كأحسن لاعب عربي في عام 2007 وقالت" إن أبو تريكه نال اللقب عن جدارة واستحقاق، خاصة بعدما أثبت تعلقه بمبادئه الإسلامية، موجهة التحية للاعب والتي وصفته" بالقدوة".
وكتب إسماعيل مرازقة بالجريدة ذاتها تحت عنوان" أشرف إنذار " يقول:" إن الإنذار الذي ناله أبو تريكه أشرف إنذار يمكن أن يناله لاعب".
وخاطبه كاتباً:"أنت الآن في قلوبنا جميعًا وسنقف معك مثلما سيقف كل مسلم في صفك لأنك ببساطة أصبحت بطلنا وستظل كذلك في زمن غاب فيه أبطال السياسة ويصلح أن يباعوا في سوق النخاسة!!.
أما ردود الفعل الإسرائيلية فقد جاءت عبر صحفها حيث نشرت صحيفة" معاريف" كبرى الصحف العبرية قائلة "إنه يجب التحرك لعقوبة اللاعب حتى لا يتكرر الأمر لاحقًا خاصة وأن لديه تأثير وشعبية كبيرة على قطاع كبير داخل بلده والوطن العربي.
موقع"وان إسرائيل" قال: الفيفا وجهت عتابًا للاعب غانا عندما قام برفع علم الكيان الصهيوني عقب أحد مباريات كأس العالم, فما موقف الفيفا مع اللاعب المصري الذي أعطي رأيًا سياسيًا خلال سير أحداث لقاء رسمي شاهده ملايين الجماهير؟؟
وكتب "موشيه" الإسرائيلي في موقع "يديعوت أحرونوت" يقول: "يا رب يتغلبوا (المصريين) من زامبيا"، وذلك تعليقًا على قارئ من عرب 48 أشاد بأبو تريكة قائلاً: "كلنا نعاني في غزة وفي المدن العربية داخل أراضي 48".
مازال تغليب المصالح يفوق الإيمان بالقضية:
خشي سمير زاهر "رئيس الاتحاد المصري لكرة القدم" من تكرار مثل هذه الواقعة والتي قد تؤدي لإيقاف اللاعب وبالتالي سيكون منتخب مصر هو الخاسر الأكبر.
لذلك اجتمع زاهر بأبي تريكة، وأكد له ضرورة الالتزام بالتعليمات بعد تحذير الاتحاد الإفريقي للعبة "الكاف" حتى لا يتعرض للإيقاف الذي سيضر بالتأكيد بمنتخب مصر!.
نقد صحفي جاء بقلم الناقد السعودي طلال الحمود بصحيفة " الحياة" اللندنية " حول ما قام به أبو تريكة، كتب:" ما قام به أبو تريكه يبدو تصرفًا عاطفيًا في غير مكانه، وكان من الأجدر أن يستغل النجم المصري شهرته في التضامن مع غزة بعيدًا عن مخالفة الأنظمة والقوانين، على اعتبار أن هناك من ينظر إلى مخالفي القانون والنظام بنظرة عدم تحضر وفوضوية ربما تسببت في تشويه سمعة القضية أكثر من تقديم فائدة تذكر!
وتابع الكاتب السعودي:" كان باستطاعة النجم المصري أن يستفيد من الحوارات التليفزيونية والمؤتمرات الصحفية عقب المباراة لتمرير رسائله بدلاً من تعريض مستقبل منتخبه في البطولة للمصاعب، فضلاً عن الظهور بمظهر المخالف للقوانين والأنظمة الدولية التي تعهدت الشعوب الأفريقية في هذه البطولة باحترامها والدفاع عنها، خصوصاً أن حسم الخلافات العربية- الإسرائيلية لا يمر بملاعب غانا، ولا هو من اختصاص فريق كرة القدم المصري.
وختم مقالاته بحلم!:"ما نحلم به جميعاً أن يتطور فكر اللاعب العربي إلى فهم القوانين والالتزام بها، بما فيها قوانين الاحتراف والمباريات الدولية، وأن يدرك أن كرة القدم أصبحت صناعة تعتمد على الربح المادي والمعاملات التجارية، بعيداً عن صخب السياسة ودغدغة مشاعر الناس بعبارات سامية تستخدم في غير مكانها الصحيح"
.
يمان زيتوني في مقاله " الفرعون أبو تريكه .. عابث أم بطل" الذي كتبه بموقع" العربية نت" بين رأيه الذي وصفه بالمتواضع:" أرى أن من الخطأ أن نستغل الرياضة في التسويق لقضايانا".
ولا أعلم كيف استطاع قلمه أن يقرن بين التسويق وقضية فلسطين، قضية المسلمين الأولى!.
وتساءل زيتوني:" لماذا نهلل لأبو تريكة ونحييه على ترويجه لقضية إنسانية بصورة تخالف القوانين واللوائح الصريحة للاتحادين الدولي والإفريقي، في الوقت الذي ندين لاعب هابويل تل أبيب جون بانتسيل على رفعه علم الدولة التي يحترف بها دون الترويج "الصريح" لقضية بعينها؟
وتابع يقول:" لماذا نصر على إقحام قضايانا - سياسيةً كانت أم إنسانية - في مباريات كرة القدم؟ ما الذي يجعلنا ندين المخالفات التي لا تتماشى مع مبادئنا وأهوائنا، في الوقت الذي نحيّي فيه أبو تريكة لتحويله أرض الملعب إلى مسرحٍ يعلن فيه تضامنه مع قضية إنسانية لا تمت لكرة القدم بصلة؟ لماذا نصر على إحراج أنفسنا والتمسك بصورة الشعوب العاطفية التي لا تعرف الالتزام باللوائح والقوانين؟ لماذا هذه الازدواجية واللاموضوعية؟
وأضاف" مع احترامي الشديد لحرية نجم الفراعنة محمد أبو تريكة في التصرف، إلا أني على قناعة تامة بأنه لم يختر الطريقة المناسبة للتعبير عن نبض شارعنا العربي. كم كان جميلاً لو أهدى أبو تريكة هدفيه لأهالي غزة، وأعلن عن تعاطفه الشديد مع حالتهم المأساوية في المؤتمر الصحفي الذي أعقب المباراة، بدلاً من الظهور بصورة اللاعب "المخالف"؟ كم رائعٌ لو تحدث اللاعب عن القضية التي شغلتنا في الأيام الأخيرة بإسهاب ولفت أنظار صحفيي العالم إلى المأساة الإنسانية التي يشهدها الشعب الفلسطيني؟.
لماذا غدا أبو تريكة بطلاً؟
- الفراغ السياسي والعربي والحاجة لوجود بطل مسلم عربي، رمز لقائد يتمنى العرب التوحد خلفه.
- أبو تريكة حقق ما عجز عنه السياسيون.
- أقدم على التعبير عن تضامنه مع غزة بالرغم من علمه بعاقبة مثل هذه الخطوة (كالتعرض للإيقاف من «الكاف» بسبب لوائح الاتحاد الدولي للعبة (الفيفا)، التي تدين استغلال مباريات الكرة في أغراض دينية أو لأهداف سياسية أو عنصرية)، ومع ذلك قدم الرسالة التي هو مؤمن بها على مصلحته الشخصية، الأمر الذي لو انتهجه كل مسلم أياً كان منصبه ومكانته لما وصلنا إلى هذه الحال التي نحن بها.
- ردود فعل إسرائيل التي ظهرت عبر صحافتها وضعتنا أمام مرآة لا نريد أن نرى أنفسنا عبرها، غضبهم يعني أنهم اعتادوا أن لا يسمعوا لنا صوتاً أو يجدوا لنا مقدرة على إيصال رسالتنا الإعلامية للعالم، وعندما حصل ذلك من لاعب كرة.. هاجت أقلامهم غضباً.
- أبو تريكة سبق له في البطولة السابقة التي استضافتها وفازت بها مصر عام 2006 أن عبّر بنفس الطريقة عن استيائه للرسوم الكاريكاتورية المسيئة لحبيبنا المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم.
- أبو تريكة جريء في زمن أصبح فيه الجريء احد احتمالين؛ إما غبي أو إرهابي
وغزة
فانلة أبو تريكة حركت العالم العربي والغربي، في حين فانلات شهداء فلسطين الممتلئة بالدماء لم تحرك للعالم ساكن!.